أبناءنا وبناتنا الأعزاء، الأساتذة الأجلاء، ضيوفنا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نجتمع اليوم في هذه المناسبة العظيمة، لنحتفي باليوم العالمي للغة العربية، يوم يحمل بين طياته عبق التاريخ وعظمة التراث. إنها لغة الضاد، لغة القرآن الكريم، لغة العلم والأدب التي شرفت بحمل أسمى الرسائل واحتضان أعظم الحضارات.
إن لغتنا العربية ليست مجرد وسيلة للتعبير أو أداة للتواصل، بل هي هوية تمتد جذورها في أعماق التاريخ، وشجرة وارفة تظل الإنسانية بظلال قيمها ومعارفها. إنها لغة حملت مشاعل النور إلى العالم، وكانت جسراً للتواصل بين الثقافات والحضارات، وشاهدة على عصور ازدهار فكري ازدهرت فيها العلوم والآداب بفضل عبقريتها ومرونتها.
أيها الجمع الكريم
إن الحديث عن اللغة العربية هو حديث عن أمة بأسرها، عن تراثها، عن حاضرها، وعن طموحاتها في المستقبل. هذه اللغة التي استطاعت عبر قرون طويلة أن تتكيف مع مختلف التغيرات، وأن تحتضن العلوم والفنون، وأن تثبت أنها لغة قادرة على الابتكار والإبداع.
اليوم، ونحن نحتفي بها، تؤكد التزامنا بتعزيز مكانتها بين لغات العالم، ونعمل جميعاً على أن تكون اللغة العربية حاضرة بقوة في ميادين العلم والمعرفة، وأن تكون لغة المستقبل كما كانت لغة الماضي العريق.
إن جامعتنا، وهي صرح علمي رائد تولي اللغة العربية مكانة خاصة، إذ تدرك دورها المحوري في بناء الإنسان وصقل الهوية. ومن هذا المنطلق، نعمل على دعم البحث العلمي باللغة العربية، وتشجيع استخداماتها في مختلف المجالات الأكاديمية، إلى جانب تطوير أدواتها التقنية، لتبقى مواكبة لعصر التحول الرقمي، قادرة على استيعاب مفردات العصر ومتغيراته.
أيها الحضور الكرام،
ولأننا نعيش في عصر التكنولوجيا المتقدمة، كان لا بد أن تأخذ اللغة العربية مكانها بين اللغات التي تتعامل مع أحدث ما توصلت إليه البشرية من تقنيات، وفي مقدمتها والذكاء الاصطناعي.
إن الحديث عن اللغة العربية في سياق الذكاء الاصطناعي هو حديث عن تحديات وفرص. فهذه التقنية المتطورة فتحت آفاقاً جديدة لتطوير اللغة العربية، ليس فقط كوسيلة تواصل، بل كلغة قادرة على التفاعل مع الأجهزة الذكية، وتحليل النصوص، وترجمة المحتوى وتصحيح الأخطاء اللغوية، وحتى الإبداع الأدبي والفني.
ومن أهم الإنجازات في هذا المجال تطوير معالجات اللغة الطبيعية التي تمكن الآلات من فهم النصوص العربية ومعانيها، بما في ذلك دقة النحو والصرف وثراء المعاني. لقد بدأت تطبيقات الذكاء الاصطناعي بالفعل في خدمة اللغة العربية عبر محركات الترجمة الفورية والتلخيص الآلي للنصوص، وتحليل البيانات الضخمة باللغة العربية، مما يعزز مكانتها كلغة علم ومعرفة.
ولكن هذا التطور يتطلب منا جهداً مشتركاً لتعزيز حضور اللغة العربية في هذا المجال سواء من خلال تدريب الأنظمة على فهم تعقيداتها وجمالياتها، أو من خلال العمل على توفير المزيد من المحتوى العربي الرقمي عالي الجودة.
الحضور الكرام
إن لغتنا العربية تقف اليوم شامخة على أعتاب مرحلة جديدة، حيث يمكنها أن تتكامل مع التقنيات الحديثة، وأن تصبح جزءاً لا يتجزأ من الثورة الصناعية الرابعة. ومع ذلك، فإن نجاحنا في هذا المسعى يعتمد على إرادتنا الجماعية في الحفاظ على هويتنا اللغوية، وفي الوقت نفسه تطويرها بما يتماشى مع احتياجات العصر.
وفي هذا الإطار، تسعى جامعتنا إلى لعب دور ريادي من خلال تشجيع البحث العلمي الذي يربط بين اللغة العربية والذكاء الاصطناعي، وإعداد الكوادر القادرة على تطوير حلول مبتكرة تخدم اللغة العربية وتوظفها في المجالات التقنية المتقدمة.
وفي الختام، أؤكد أن الاحتفاء باللغة العربية لا يعني فقط النظر إلى الماضي بفخر، بل يعني أيضاً العمل على بناء مستقبل يليق بهذه اللغة العظيمة. فلنكن جميعاً أوفياء للغتنا، محافظين على إرثها، ومبدعين في صياغة مستقبلها المشرق.
وأجدها فرصة لأتوجه بالشكر الجزيل لكل من يسهم في خدمة اللغة العربية، من باحثين ومعلمين ومبدعين، ولكل من يعمل بصدق على تعزيز مكانتها وإبراز جمالياتها. أدعوكم جميعاً إلى أن تكونوا سفراء للغة العربية، حراساً على إرثها، ومبدعين في حاضرها ومستقبلها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..